بعدما أعلنت الحكومة عن مشروع إنجاز أول مصنع لتركيب سيارات رونو قبل حوالي سنتين، تعالت الأصوات بين مؤيد للفكرة ومتفائل وبين ناقم على المستقبل والنظر إليه بعيون التشاؤم.. وهي الفكرة التي دفعت بـ « الشروق » إلى الخروج إلى الشارع لاستقصاء آراء الجزائريين بخصوص إنتاج أول سيارة جزائرية.
وسمح لنا هذا التحقيق الميداني بكسر كل الحواجز والتسلل إلى داخل إدارة الشركة، لرصد أجواء العمل هناك وحتى الوقوف على عملية التوظيف وشروطها.
باعة سيارات: لماذا رفضوا « فولسفاغن » وفضّلوا « رونو »؟
البداية كانت من سوق السيارات الفوضوي بحي الخالدية بوهران « دالمونت » سابقا، كنموذج فقط، حيث يعرف حركية كبيرة، بفضل التوافد المكثف للسيارات الجديدة التي يرغب أصحابها في بيعها، وهي المعطيات التي تجعل تجار تلك « الآلات »، كما يسميها هؤلاء، يحسنون التقييم، لمعرفتهم الموسعة بالسيارات، خاصة الجديدة منها، وقد طرحنا عليهم سؤالا وحيدا متعلقا برأيهم في مشروع تركيب سيارات من نوع « كليو سانمبول » فتضاربت المواقف والإجابات.
والتقت التساؤلات: لماذا فضلوا « فولسفاغن » الألمانية على « سامبول » الفرنسية؟
متفائلون: سامبول هي البداية فقط
كما رصدنا آراء فئة أخرى من المواطنين ممن استحسن بل تحمس للفكرة، ويعتبر كما قال إنتاج أول سيارة بمثابة الحلم السعيد، في حين شد انتباهنا تصريح أحد الشيوخ حين قال لنا، إن الجزائر في سبعينيات القرن الماضي كانت مرشحة لتكون يابان إفريقيا، لكن لظروف وعوامل سياسية وأمنية تأجلت الانطلاقة التي ستكون حسب نفس المتحدث مع إنتاج أول سيارة من نوع كليو سامبول. أما مواطن آخر فقد تحدث عن هشاشة الطرقات والتي يجب أن تواكب الإنجاز التاريخي، للمحافظة على عجلات السيارات وحتى أرواح السائقين التي باتت تحصد، بسبب الطرقات السيئة، خاصة على مستوى الطريق السيار.
تركنا السوق واتجهنا إلى المجمع الإداري الخاص بشركة رونو الجزائر الكائن مقره ببرج مركز الأعمال بإيسطو بوهران، وهناك لمسنا الحيوية والنشاط الذي كان يخيم على المكاتب، وكأنها خلية نحل، موظفون كل واختصاصه موزعين على المكاتب فمنهم من يختص بشؤون التسويق، ومنهم من يهتم بشؤون الاتصال والعلاقات العامة كما أن هناك من يعنى باستقبال ملفات التوظيف، وقد وجدنا في انتظارنا المكلفة بالاتصال السيدة سنوسي كريمة، لتجيب عن كل استفساراتنا.
هذا سرّ اختيار « سامبول »
وقالت المتحدثة إن أكثر الناس رغبة في وصول مرحلة الجاهزية هم عمال المصنع، حيث إنهم مصرون على تحقيق حلم طالما راود الجزائريين في إنتاج سيارة جزائرية، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن الإرادة الفولاذية التي يتمتع بها العمال بالمصنع هي التي ستصنع الفارق، وتختزل الزمن، للكشف عن أول نموذج يوجه إلى السوق.
وأكدت سنوسي أن كل الأنظار متوجهة خاصة غدا الاثنين إلى مصنع وادي تليلات لتدشين أول سيارة جزائرية، مؤكدة أنه سيكون يوما تاريخيا لكل الجزائريين وقد يكون فيها مفاجآت ستسر الراغبين في شراء سامبول الجزائرية.
وعن اختيار نوعية « سامبول » لتصنيعه بالجزائر، قالت محدثتنا إن الاختيار لم يكن عشوائيا وإنما بعد دراسة دقيقة للسوق لرغبات الزبائن، حيث سجل أغلب المتعاملين ومسيري الفروع التابعة لشركة رونو إعجاب الجزائريين بسيارة « سامبول » ويظهر ذلك من خلال الإقبال الكبير عليها مقارنة بباقي الأصناف الأخرى.. وهي المعطيات التي شجعت المسؤولين على الشركة الأم لاختيار « سامبول » والشروع في تركيبها وتسويقها بالجزائر، وهذا لا يمنع- حسبها- من تنويع الأصناف في المستقبل.
هكذا يتم التوظيف بمصنع وهران
وأضافت سنوسي ملاحظة بخصوص اللون الرملي الذي يعد حسبها الأكثر طلبا من طرف الشركاء الخواص، إلى جانب اللونين الأسود والأبيض، وهي المعطيات التي ستأخذ بعين الاعتبار في عملية الطلاء، أما بخصوص التقنيات فستكون وفق المعايير العالمية، لأن الشركة الأم لن تسمح بالتلاعب بالنوعية، وهدفها إنتاج سيارة من الطراز العالي قد يوصل الجزائر لتكون بوابة إفريقيا لتصدير هاته المركبات.
وبشأن عملية توظيف عمال مصنع السيارات وشروطه، قالت نفس المتحدثة، عدد العاملين بمصنع رونو بلغ 200 عامل، والعدد مرشح للارتفاع بمجرد الانطلاق الفعلي في عملية التركيب والبيع، مشيرة إلى تخصيص علبة عند مدخل المؤسسة لكل الراغبين في الانضمام إلى المؤسسة، من خلال إيداع سيرهم الذاتية ليتم الاتصال بهم حسب الحاجة والاختصاص، لأن المصنع يحتاج إلى كفاءات، ومهندسين ولحّامين وكل من له علاقة مع صناعة السيارات، على أن يتم انتقاء الملفات بكل شفافية، ويتم الاحتفاظ بالملفات بأرشيف الإدارة للاستعانة بهؤلاء الشباب، عند الحاجة.
وأكدت المتحدثة باسم إدارة رونو، أنه يوجد موقع واحد خاص بالشركة، وعبر هذا الموقع بالذات يمكن إيداع طلبات العمل، والإدارة تتبرأ من أي موقع آخر قد يوهم الشباب بجمع الملفات لتشغيلهم.