البلاد
ملايير الدولارات تحول إلى “جنات الضرائب” سويسرا ولكسمبورغ
فتح التجارة الخارجية في الجزائر ساهم في ارتفاع تهريب الأموال
اتفق الخبراء على أن سياسة فتح التجارة الخارجية أمام من هب ودب لفتح شركات استيراد وتصدير حولت الجزائر إلى جنة لمهربي الأموال، حيث برزت في الآونة الأخيرة الآلاف من قضايا تضخيم الفواتير التي تعد أكثر القنوات التي يعتمد عليها الأشخاص المتورطون في هذه الجرائم المالية لنقل أموالهم نحو ملاذات آمنة في دول مثل “سويسرا” “ليشتينشتحيث” “لكسمبورغ” وجزر في الكراييب والمحيط الهادئ. وحسب الخبير المالي الدكتور عبد القادر بريش، فإن هنالك طريقتين شائعتين لتهريب الأموال في الجزائر الأولى عن طريق التلاعب بفواتير الاستيراد عبر تضخيم قيمة السلع أو تقليلها في أحيان أخرى للاستفادة من إعفاءات جمركية ومن ثم الاستفادة من فارق السعر بالعملة الصعبة وإيداعه ببنوك أجنبية لاتقاء الشبهات وهو ما يفسر الارتفاع الصارخ لفاتورة الاستيراد حسب الخبير وتعتبر هذه الطريقة الأكثر انتشارا على اعتبار أن منفذيها يمتلكون غطاء قانونيا لتداول العملة الصعبة نحو الخارج، كما أن هامش المناورة للتحايل واسع جدا بشكل يصعب على مصالح الرقابة في مديرية الجمارك مهامهم في تعقب الثغرات المالية، حيث يسمح تقريبا في الجزائر باستيراد كل شيء دون ضوابط أو محددات أو حتى لائحة معينة من السلع وإلى جانب ذلك يعمد البعض الآخر إلى طريقة أخرى لتهريب الأموال بالتواطؤ مع فروع بنوك أجنبية عن طريق إجراء تحويلات مباشرة والاختباء تحت ظل ما يعرف بالسرية المصرفية بعيدا عن أعين الهيئات الرسمية للمراقبة مثل مجلس المحاسبة وخلية الاستعلام المالي، حيث يمنع التنظيم 07-01 من إجراء التحويلات المالية إلى الخارج دون ترخيص والحصول على موارد مالية توظف في الخارج سواء على شكل ودائع أو أملاك عقارية منقولة وغير منقولة مع تستثناءات محدودة في الأمر 03-11 وردا على سؤال حول إمكانية استرجاع الجزائر للأموال المهربة إلى الخارج قال المتحدث في اتصال مع “البلاد” إن ذلك يبقى ممكنا رغم صعوبته كون الدول الحاضنة تفرض قيودا صارمة في هذا المجال وعلى الدولة التي تريد استرجاع أموالها أن تقوم بحزمة من الإجراءات ومفاوضات قد تدوم سنوات والدليل على ذلك ما حدث في الدول التي شهدت ما يعرف بالربيع العربي، حيث تلقت هذه الدول صعوبة في استرجاع الأملاك المنقولة من طرف عائلات الزعماء السياسيين الذين أطيح بهم وكانت تقارير عالمية قد صنفت الجزائر ضمن أكثر الدول في تهريب الأموال وتبييضها وكان آخر تقرير لمنظمة النزاهة المالية العالمية المتخصصة في مكافحة الفساد المالي قد أكد أن تهريب رؤوس الأموال من الجزائر بلغ قرابة 16 مليار دولار خلال 10 سنوات، مصنفا إياها في الترتيب 46 عالميا من بين 145 دولة في العالم، ووفقا لأرقام المنظمة، فإن سنتي 2008 و2009 شهدتا أكثر هروب لرؤوس الأموال، ففي 2008 مثلا بلغ حجم الأموال المهربة من الجزائر نحو الخارج قرابة 4 ملايير دولار، وهو نفس المبلغ المهرب خلال العام الموالي، وحتى إن انخفض حجم الأموال المهربة في 2011، حيث بلغت 187 مليون دولار، فإن الوتيرة ارتفعت بشكل رهيب منذ العام 2012 لتبلغ 2.6 مليار دولار، فيما بلغ الحجم الإجمالي لـ 10 سنوات 15.753 مليار دولار.