حلت الجزائر الثالثة عربيا في مقياس الديمقراطية لسنة 2014، فقد بينت نتائج الدراسة الصادرة عن شبكة مبادرة الإصلاح العربي إحرازها تقدما كبيرا في مجال الممارسات الديمقراطية، استقلالية القضاء وحرية التعبير، وفي الشق الأمني أورد التقرير أن الجزائر تأثرت إيجابيا بالربيع العربي واستطاعت أن تضفي على نفسها صورة البلد المستقر خاصة بعد ظهور بوادر عدم الاستقرار والتدخل العسكري في منطقة الساحل الإفريقي
وضع تقرير مقياس الديمقراطية العربي لسنة 2014، الجزائر من ضمن أكثر الدول تقدما مقارنة بالتقارير السابقة لسنوات 2008، 2009 و2010 بعد أن انتقلت من المرتبة السابعة إلى الثالثة عربيا، كما حصلت على أعلى مرتبة في مقياس سيادة القانون، ووضع التقرير الجزائر في المرتبة الثالثة من حيث المقياس الفرعي للممارسات، بعد أن أحرزت الجزائر تقدما كبيرا على مستوى الوسائل التشريعية في المؤشر المتعلق بدورية ونزاهة الانتخابات وعلى مستوى الممارسة في مؤشرات مثل إعاقة عمل البرلمان، خرق الدستور، إعاقة النشاط الحزبي ومواقف المعارضة في الصحافة المحلية، إلى جانب انتقاد السلطة ومقاضاة الجهات التنفيذية والاعتقال التعسفي والضمان الاجتماعي، فقد حصلت الجزائر على أعلى علامة وهي ألف فيما يتعلق بوجود ضمانات دستورية تمنح حرية تشكيل أحزاب سياسية، كما حصلت نفس العلامة فيما يخص وجود ضمانات دستورية تمنح الحق للمواطن في التجمع والتظاهر السلمي وكذا منع التعذيب، إلى جانب مؤشر تشريع حرية الإعلام من خلال وجود ضمانات تسمح للمواطن والمجموعات والأحزاب السياسية بامتلاك وسائل إعلام بدون فرض شروط سياسية أو مالية أو بيروقراطية.
وأشارت الدراسة أيضا إلى حصول الجزائر على علامة ترتفع فوق المعدل العربي في مجالي الوسائل والممارسات، فيما ترتفع علامات الجزائر في المقاييس الفرعية عن المتوسط العربي في كل الحالات، على غرار استقلالية القضاء، والحق في محاكمة عادلة، حيث أظهرت نتائج التقرير أن الجزائر شهدت أفضل نسبة تحسن في عملية التحول الديمقراطي، يتبعها في ذلك تونس والأردن ثم فلسطين ومصر، وجاء التحسن في الجزائر بشكل خاص في المؤشرات المتعلقة بسيادة القانون مثل مقاضاة الجهات التنفيذية والاعتقال التعسفي والأمن الشخصي،كما طرأ تحسن ملموس على المؤشرات المتعلقة بوجود مؤسسات عامة قوية ومساءلة مثل حالات خرق الدستور ونجاعة المؤسسات العامة وحالات إعاقة عمل البرلمان.
وجاء في التقرير الذي يعد الأول من نوعه بعد ما عرف بالربيع العربي، أن الجزائر تأثرت إيجابيا بالأحداث التي شهدتها بعض الدول، بزيادة في المقياس بلغت 105 علامة، تعلقت أغلبها بتحسن في الممارسة الديمقراطية، كما استطاعت الجزائر خلال هذه المرحلة التي عرفت فيها المنطقة حالة اضطراب قصوى وتغيير لأكثر من نظام سياسي، أن تضفي على نفسها صورة البلد المستقر خاصة بعد ظهور بوادر عدم الاستقرار والتدخل العسكري في منطقة الساحل الأفريقي.
وفي هذا الشأن، أشارت أغلب المصادر التي استندت إليها الدراسة إلى أن النظام السياسي بالجزائر استطاع الإفلات من موجة التغيير التي مست المنطقة العربية في مرحلة الحراك الثوري العربي، عبر اللجوء إلى حزمة من الإجراءات، فقد توجهت الحكومة بسياسة اجتماعية نحو الفئات الشابة حاولت من خلالها العمل على التخفيف من نسب البطالة ومنح قروض مالية سخية وتفعيل سياسة السكن الاجتماعي، وهي السياسة الاجتماعية التي قال التقرير إنها لم تكن ممكنة لولا ما تتمتع به الجزائر من وفرة مالية مريحة سمحت لها بدفع ديونها الخارجية بشكل مسبق.
من جهة أخرى، تطرق التقرير إلى الإصلاحات السياسية التي أقرتها الدولة الجزائرية، حين التزمت أمام النخب السياسية بما فيها المعارضة بتعديل الدستور وإطلاق جملة من الإصلاحات القانونية والسياسية شملت قانون الانتخابات والأحزاب والجمعيات وتعزيز مشاركة المرأة السياسية، والتي أعلن عنها كنتيجة للحوار السياسي الذي فتحته مع المعارضة وتم تنفيذها سنة 2012.
كل المؤشرات سالفة الذكر، فسرت النقلة التي حققتها الجزائر في مجال الديمقراطية، فقد أكد التقرير تحسن نتائج الجزائر في الكثير من المؤشرات على مستوى الوسائل وحتى الممارسات، دون أن ينكر أن الجزائر لا زالت تشكو من بعض الممارسات على مستوى بعض الملفات الاجتماعية كالتسرب المدرسي، العدالة الاجتماعية والمساواة.